مبحث اجزاء در تهذيب الأصول
- تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ج 1 ص 135 :
الفصل الثالث في الاجزاء
قبل الورود في النقض والابرام لابد من ذكر مقدمات
( الاولى ) اختلف كلماتهم في تحرير محل البحث فعنونه في الفصول بان الامر بالشئ إذا اتى به على وجهه هل يقتضى الاجزاء اولا ، والمعروف بين المشايخ والمعاصرين هو ان الاتيان بالمأمور به على وجهه هل يقتضى الاجزاء ام لا و ربما يفرق بين التعبيرين ان النزاع في ( الاول ) في دلالة الامر فيكون البحث من مباحث الالفاظ والدلالات وفي ( الثاني ) في ان الاتيان علة للاجزاء فيكون عقليا ( وفيه ) ان جعل النزاع في العنوان الاول في دلالة لفظ الامر بعيد عن الصواب جدا اما عدم المطابقة والتضمن فظاهران ، إذ لا اظن ان يتوهم احد ان الامر بمادته أو هيئته يدل على الاجزاء إذا اتى المكلف بالمأمور به على وجهه بحيث يكون هذا المعنى بطوله عين مدلوله أو جزئه واما الالتزام فبمثل ما تقدم وما يقال في تقريبه من ان الامر يدل على ان المأمور به مشتمل على غرض للامر ولا محالة ان ذلك الغرض يتحقق في الخارج بتحقق المأمور به و ( ح ) يسقط الامر لحصول الغاية ( مدفوع ) بان عد تلك القضايا الكثيرة العقلية من دلالة الامر عليهما التزاما مما لا مجال للالتزام به إذ جعلها من المداليل الالتزامية يتوقف على كونها من اللوازم البينة حتى يجعل من المداليل الالتزامية بالمعنى
ج1 صفحة 136 :
المصطلح مع ان المقدمتين المذكورتين في كلامه قد تشاجرت في صحته الاشاعرة والمعتزلة فكيف يكون امرا بين الثبوت ( هذا ) من غير فرق بين ارجاع النزاع إلى الاوامر الاختيارية الواقعية أو الاضطرارية أو الظاهرية لان دلالة الامر لا تخرج من مادته و هيئته فتدبر كما ان جعل النزاع في العنوان الثاني عقليا كما استظهره القائل لا يصح في جميع الاقسام ، إذ النزاع عقليا انما يصح لو كان المراد من الاجزاء بالاتيان هو الاجزاء عن الامر الذى امتثله واما اجزاء الماتى به بالامر الظاهرى عن الواقعي ، والثانوى عن الاولى ، فلا محالة يرجع النزاع إلى دلالة الاوامر الاضطرارية والظاهرية على الاجزاء بتنقيح موضوع الاوامر الاختيارية والواقعية بنحو الحكومة ، و ( بالجملة ) يلاحظ لسان ادلتها بانه هل يدل على التوسعة في المأمور به اولا فلا محالة يكون من مباحث الالفاظ ( فح ) لا يجوز عد الجميع بحثا عقليا ولعله لاجل ذلك ذهب بعضهم إلى ان الجمع بين الاجزاء في الاوامر بالنسبة إلى نفسها الاجزاء بالنسبة إلى امر آخر مما لا يمكن بعنوان واحد نعم ما ذكرناه وجها لجعل البحث في الامر الظاهرى أو الواقعي الثانوي في الدلالات اللفظية من التوسعة وتنقيح الموضوع بالحكومة ، مما احدثه المتأخرون من الاصوليين قلا يجوز حمل كلام القوم عليه ، كما ان ما نقلناه عن بعض من عدم امكان الجمع بين الواقعي الاولى وغيره ضعيف بامكان تصور جامع بينهما بان يقال اتيان المأمور به على وجهه هل يجزى ام لا وهذا جامع يشمل جميع العناوين المبحوث عنها غاية الامر ان الاختلاف في طريق الاستدلال بما يناسب حال كل واحد ولا يكون النزاع ابتداءا في دلالة الادلة بل في الاجزاء وعدمه ، فيكون الدليل على الاجزاء في بعض الموارد حكم العقل ، وفي غيره ما تصوره القائلون بالاجزاء من حديث الحكومة والتوسعة ولا ضير في كون بعض مصاديقه بديهيا دون بعضه بعد قابلية الجامع للنزاع والخطب سهل الثانية ليس الاقتضاء الواقع في تحرير محل البحث بمعنى العلية والسبية بحيث يكون اتيان المأمور به في الخارج بحدودها مؤثرا في الاجزاء باى معنى فسر وظني ان ذلك واضح لانتفاء العلية والتأثير في المقام سواء فسر الاجزاء بالمعنى اللغوى اعني الكفاية ام بشئ آخر من سقوط الامر أو الارادة اما ( على الاول ) فلان الكفاية عنوان انتزاعي لا يقع
ج1 صفحة 137 :
مورد التأثر والتأثير ( والعجب ) من المحقق الخراساني حيث جمع بين الالتزام بكون الاقتضاء بمعنى العلية وبين القول بان الاجزاء هو الكفاية ، واما على الثاني فلان الاتيان ليس علة موثرة في سقوط الامر كما ان السقوط والاسقاط ليسا من الامور القابلة للتأثير والتأثر اللذين هما من خصايص التكوين ، واما الارادة فالامر فيها اوضح لان الاتيان لا يصير علة لانعدام الارادة وارتفاعها ، لا في الارادات التكوينية ولا في المولوية التى يعبر عنها بالتشريعية إذ تصور المراد بما انه الغاية والمقصود مع مباد آخر ، علة لانقداح الارادة في لوح النفس كما انه بنعت كونه موجودا في الخارج من معاليل الارادة فلا يعقل ان يكون المعلول بوجوده طاردا لوجود علته واقصى ما يتصور لسقوط الارادة من معنى صحيح عند حصول المراد ، هو انتهاء امدها بمعنى ان الارادة كانت من بدء الامر مغياة ومحدودة بحد خاص ، فعند وصولها إليه لااقتضاء لها في البقاء ، لا ان لها بقاء ، والاتيان بالمأمور به قد رفعها واعدمها كما هو قضية العلية ، كما ان الامر لما صدر لاجل غرض وهو حصول المأمور به فبعد حصوله ينفد اقتضاء بقائه فيسقط لذلك كما هو الحال في ارادة الفاعل المتعلقة باتيان شئ لاجل غرض فإذا حصل الغرض سقطت الارادة لانتهاء امدها لا لعلية الفعل الخارجي لسقوطها والاولى دفعا للتوهم ان يقال ان الاتيان بالمؤمور به هل هو مجز ، أو لا فتدبر الثالثة الظاهر ان المراد من قولهم على وجهه هو كل ما يعتبر في المأمور به وله دخل في حصول الغرض سواء دل عليه العقل أو الشرع لا قصد الوجه ، ولا ما في الكفاية من ان المراد منه ما يعتبر فيه عقلا ولا يمكن الاعتبار شرعا لما عرفت من امكان اخذ جميع القيود في المتعلق حتى ما جاء من قبل الامر وان لم يؤخذ بالفعل وكان العقل دل على شرطيته مع ان شبهة عدمه امكان اخذ ما يأتي من قبل الامر في المأمور به حدثت ، في هذه الازمنة المتأخرة وهذا العنوان متقدم عليها الرابعة الظاهر عدم وجود جامع بين هذه المسألة وما مر من مسألة المرة والتكرار إذ البحث في الثانية سواء كان في دلالة الامر أو حكم العقل ، انما هو في مقدار ما بعث إليه المولى من مرة أو غيرها والبحث ههنا بعد الفراغ عن دلالة الامر أو حكم العقل فإذا فرغنا عن دلالة الامر أو اقتضائه المرة ، يقع البحث في ان الاتيان بها مجز اولا ، كما انه
ج1 صفحة 138 :
لو دل على التكرار يقع البحث في اجزاء الاتيان بكل فرد وعدمه ،
واما الفرق بين المقام و مسألة تبعية القضاء للاداء فاوضح من ان يخفى ، إذ البحث في الاجزاء انما هو في ان الاتيان بالمأمور به هل هو مجز عن الاداء والقضاء ، والبحث في الثانية في انه إذا فات منه المأمور به فهل الامر المتعلق بالطبيعة المضروب لها الوقت ، يكفى في ايجاب القضاء عليه أو يحتاج إلى امر جديد فاى تشابه بينهما حتى نتمحل للفرق إذا الموضوع في احديهما الاتيان وفي الاخرى الفوات ، ومن ذلك يظهر الخلل في كلام المحقق الخراساني من ان البحث في احديهما في دلالة الصيغة دون الاخرى فراجع الخامسة ظاهر كلمات اكثر المحققين من المتأخرين في اجزاء الاوامر الاضطرارية عن الاختيارية ، واجزاء الظاهرية عن الواقعية ، ان ههنا امرين تعلق احدهما بالطبيعة بملاحظة حال الاختيار والعلم ، وثانيهما بطبيعة اخرى بملاحظة حال الاضطرار والجهل فوقع البحث في ان اتيان متعلق الاضطراري والظاهري يجزى عن الاختياري والواقعي اولا ، ولعل مبنى القول بتعدده ما عليه جماعة منهم المحقق الخراساني من ان الجزئية والشرطية والمانعية لا تقبل الجعل استقلالا وان ما ظاهره الاستقلال في الجعل انما هو ارشاد إلى ما جعله جزءا أو شرطا حين الامر بالمركب ولا يعقل بعد الامر بالمركب جعل جزء آخر له أو شرط كذلك ( فح ) كلما كان ظاهره ، الاستقلال في الجعل كقول ( ع ) التراب احد الطهورين ، فلابد من جعله ارشادا إلى ما اخذه شرطا لدى الامر بالمركب ويحتاج إلى سبق امر آخر متعلق بالطبيعة المتقيدة بالطهارة الترابية إذ لا معنى للارشاد ، مع عدم وجود مرشد إليه ، ويلتزم لاجله وجود امرين ، و ( عليه ) هنا امران احدهما تعلق بالصلوة المتقيدة بالطهارة المائية للمختار والاخر بالمقيدة بالترابية للمضطر وقس عليه الاجزاء والموانع بقسميهما ، ولذا ذهب ( ( قده ) إلى البرائة إذ الشك بناء على وجود الامرين انما هو في حدوث امر آخر كما يأتي بيانه وهذا بخلاف القول بامكان الجعل فيها مستقلا حتى يتحفظ ظواهر الادلة الظاهرة في الجعل مستقلا إذ يكون هنا امر واحد متعلق بالطبيعة وقد امر الشارع باتيانها بكيفية في حال الاختيار ، وبكيفية اخرى في حال الاضطرار ، والاختلاف في الافراد والمصاديق ، ولا يجب لمن قال بجعل الشرطية مستقلا ، الالتزام بسبق امر متعلق بها بكيفية الاضطرار ولعمري ان هذا هو الحق الصراح حفظا لظواهر الادلة مع ما سيأتي في مبحث الاستصحاب
ج1 صفحة 139 :
من امكان الجعل فاذن ليس هنا الا امر واحد تعلق بطبيعة الصلوة وانما القيود من خصوصيات المصاديق ، إذ قوله تعالى ( اقم الصلوة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) يدل على وجوب الطبيعة في هذا الوقت المضروب لها ثم دل دليل على اشتراطها بالطهارة المائية في حال الاختيار ، واشتراطها بالترابية عند فقدانها بحيث يكون الماتى بالشرط الاضطراري نفس الطبيعة التى ياتيها المكلف بالشرط الاختياري بلا اختلاف في المتعلق والطبيعة والامر كما هو ظاهر قوله تعالى ( يا ايها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلوة ) إلى ان قال سبحانه ولم تجدوا ( ماء فتيموا صعيد طيبا ) فان ظاهرها ان الصلوة التى سبق ذكرها وشرطيتها بالطهارة المائية ، يؤتى بها عند فقد الماء متيمما ( بالصعيد ) وانها في هذه الحالة عين ما تقدم امرا و طبيعتا ( وبالجملة ) ان الكيفيات الطارية من خصوصيات المصاديق لامن مكثرات موضوع الامر ولا يكون للطبيعة المتقيدة بكيفية امر ، وبكيفية اخرى امر آخر ، والنزاع وقع في ان الاتيان بمصداق الاضطراري للطبيعة هل يوجب سقوط الامر عنها اولا وقس عليه الحال في الاوامر الظاهرية حرفا بحرف إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم ان الكلام يقع في مواضع الاول ان الاتيان بالمأمور به الواقعي أو الاضطراري أو الظاهرى يجزى عن التعبد به ثانيا لان الداعي إلى الامر هو اتيان المأمور به بماله من القيود والحدود فلا يعقل بعد حصوله بقاء الطلب وعدم سقوط الامر ، وهذا من الامور البديهية الفطرية لا يحتاج إلى اقامة برهان وان كنت حريصا على صوغه على صورة البرهان فنقول ان المكلف إذا حصل المأمور به على وجهه لم يبق معنى لبقاء البعث بعد حصول الفرض الذى هو علة الارادة بماهيته إذ يكون حصوله موجبا لانقطاع امد الارادة والبعث ، فلو بقيا بعد حصوله يلزم بقاء المعلول بلا علة واما ما اشتهر من جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر فلم نقف على معنى له محصل إذ لانتصور تعدد الامتثال بالنسبة إلى امر واحد كما مرت الاشارة إليه إذ الامتثال دائر امره بين الوجود والعدم فلو حصل الامتثال بفعله مرة فقد سقط امره ولا موضوع للامتثال ثانيا وان لم يحصل كما إذا كان الاول فاقدا لبعض الاجزاء والشرائط لم تصل النوبة إلى امتثال آخر فان قلت ربما يكون الغرض باقيا مع سقوط الامر كما لو امر باحضار الماء وامتثل
ج1 صفحة 140 :
المكلف ثم اتفق هراقته فان الامر قد سقط بتمكين المولى من الماء الا ان الغرض التام وهو رفع العطش باق بعد ، وليس له الاكتفاء بما امتثل اولا ، بعد علمه بعدم حصول غرضه وملاكه ( قلت ) ان ذلك خلط بين تبديل الامتثال وبين وجوب تحصيل الغرض المعلوم للمولى فما هو موجب لصحة العقوبة ليس عدم امتثاله امره بل فوت غرضه ولو لم يكن هنا امر و ( بالجملة ) ان العلم بالملاك يتم الحجة على العبد بتحصيل الغرض التام وان لم يكن هناك امر ولا بعث ، كما إذا وقع ابن المولى في هلكة وكان المولى في غفلة عنه فلم يامر عبده بانجائه فيلزم عليه انجائه بحيث يستحق العقوبة لو تركه لان الامر وسيلة لتحصيل الغرض وآلة للبعث ولا موضوعية له ولذالو اطلع على غرض غير لازم التحصيل وفرضنا ان المولى لم يامره بتحصله يحسن له تحصيله ، ويصير موردا للعناية مع عدم كونه امتثالا ( والحاصل ) انه لا ملازمة بين سقوط الامر وحصول الغرض وما ذكر من المثال في الاشكال ليس من باب تبديل الامتثال بامتثال آخر ، وجعله من هذا الباب مبنى على تخيل الملازمة بينهما حتى يكون وجود الغرض ، كاشفا عن وجود الامر وبقائه وهذا ذهول عن ان الامر قد سقط باتيانه بتمام قيوده ، والداعى إلى الاتيان ثانيا هو العلم بالملاك لا ثبوت الامر و بقائه ، ويرشدك إلى عدم الملازمة مضافا إلى ما عرفت انه إذا امتثل امر المولى باتيان ماء للشرب ثم وقف على مصداق آخر اوفى بغرضه فاتى به ليختار المولى احبهما إليه ( فلا محالة ) يحصل الامتثال باول الفعلين والثانى موجب لوقوعه موردا للعناية لاتيانه ما هو اوفي بغرضه وليس من الامتثال في شئ ولا من تبديل الامتثال بآخر منه ، ولا تفاوت في ذلك بين عدم حصول الغرض من اصله كما إذا تلف الماء أو عدم حصول الغرض الاقصى منه لبقاء عطشه وعدم شربه ان قلت بماذا يحمل فتاوى الاصحاب وتظافر النصوص في صلوة المعادة جماعة بعد ما صلى فرادى وانه يجعلها فريضة ويختار اجهما إليه الخ ( قلت ) ان ذلك من باب تبديل فرد من المأمور به بفرد آخر لامن تبديل امتثال إلى آخر ، بعد العلم بكونه مشروعا في الدين وان ذلك يوجب الثواب الزايد على ايجادها في ضمن مصداق آخر و ( توضيحه ) ان تبديل الامتثال يتوقف على تحقق امتثالين مترتبين ، بمعنى انه لابد ان يكون للمولى امر متعلق
ج1 صفحة 141 :
بطبيعة فيمتثله المكلف دفعة مع بقاء الامر ثم يمتثله ثانيا ويجعل المصداق الثاني الذى تحقق به الامتثال ، بدل الاول الذى تحقق به الامتثال الاول واما تبديل مصداق المأمور به الذى تحقق به الامتثال ، بمصداق آخر غير محقق للامتثال لكن محصل للغرض اقتضاءا ، مثل المصداق الاول أو بنحو اوفى ، فهو لا يتوقف على بقاء الامر بل من قبيل تبديل مصداق المأمور به بمصداق آخر لا بصفة كونه مأمورا به ، واما قوله ( ع ) و ( يجعلها فريضة ) فالمراد منه انه يأتي الصلوة ناويا بها الظهر أو العصر مثلا ، لا اتيانه امتثالا للامر الواجب ضرورة سقوطه باتيان الصلوة الجامعة للشرائط ولهذا حكى عن ظاهر الفقهاء الا من شذ من المتأخرين تعين قصد الاستحباب في المعادة للامر الاستحبابى المتعلق بها واما قضية الاوفى بالغرض و اختيار احبهما إليه وامثالهما مما ينتزه عنها مقام الربوبى ، فهى على طبق فهم الناس وحسب محاوراتهم قطعا ثم ان في كلام بعض محققى العصر رحمه الله وجها آخر لتوجيه الموارد التى توهم كونها من تبديل امتثال بآخر و ( ملخصه ) ان فعل المكلف ربما يكون مقدمة لفعل المولى الجوارحى كامره باحضار الماء ليشربه أو الجوانحى كامره باعادة الصلوة جماعة ليختار احبهما إليه ، فهذه الافعال امر بها لتكون مقدمة لبعض افعاله ( فح ) ان قلنا بوجوب المقدمة الموصلة كان الواجب هو الفعل الذى اوصل المولى إلى غرضه الاصلى وكان الاخر غير متصف به لعدم ايصاله فالواجب هو الماء الذى حصل منه الشرب أو الصلوة المعادة التى اختاره فليس الا امتثال واحد ، وان قلنا بوجوب مطلق المقدمة فعدم امكان التبديل اوضح لسقوط الامر بالامتثال الاول انتهى وفيه اما ( اولا ) فان جعل الاوامر الشرعية المتعلقة بافعال المكلفين من قبيل الوجوب الغيرى دون النفسي لحديث كونها مقدمات إلى الاغراض ، مما لا يرضى به احد كيف وهى من اشهر مصاديق الواجبات النفسية ومعه لا يبقى لما ذكره بشقيه وجه ، وقد قدمنا مناط الغيرية والنفسية في محله و ( ثانيا ) ان المقدمة الموصلة باى وجه صححنا وجوبها انما تتحقق فيما إذا كان الايصال تحت اختيار العبد وقدرته ، حتى تقع تحت دائرة الطلب والمفروض ان فعل المولى أو اختياره متوسط بين فعل العبد وحصول الغرض ، فلابد ان يتعلق الامر بنفس المقدمة من غير لحاظ الايصال ، وما ربما يتكرر في كلامة قدس سره من ان الواجب هو
ج1 صفحة 142 :
الحصة بنحو القضية الحيينية أو الحصة الملازمة للغاية ( ففيه ) مضافا إلى عدم كونه معقولا لان الاعدام لا ميز فيها وان صيرورة الحصة حصة لا يمكن الا بالتقيد ولا تتوجه النفس إلى حصة دون غيرها ما لم يتعين بالقيد ، ان الصحة بما انها ملازمة لامر غير مقدور فهى غير مقدور لا يمكن تعلق الطلب بها و ( ان شئت قلت ) ان الايجاب بنحو القضية الحينية ايضا انما يتصور فيما إذا كان الظرف موجودا أو يكون ايجاده تحت قدرة المكلف وهما مفقودان ههنا فان الوجوب حين وجود ذى المقدمة لا يتصور والمفروض ان ايجاده غير مقدور ( نعم ) يمكن ان يقال ان الواجب أي ما يقع على نعت الوجوب هو ما يتعقبه اختيار المولى بنحو الشرط المتأخر فلا يكون الواجب هو المقدمة الموصلة ولو بنحو القضية الحيينية على نحو الاطلاق حتى يلزم عليه تحصيل القيد ، بل الواجب هو المشروط بالشرط المتأخر ، فإذا اتى بها ولم يتعقبها اختياره يكشف ذلك عن عدم وجوبها ( فح ) يخرج عن موضوع تبديل الامتثال فتدبر الموضع الثاني في ان الاتيان بالفرد الاضطراري مقتض للاجزاء اولا وفيه مقامان ( احدهما ) في الاعادة ولا يخفى ان البحث من هذه الجهة انما هو فيما إذا كان المكلف مضطرا في جزء من الوقت فاتى بوظيفته ثم طرء الاختيار ، وفيما إذا كان الامر باتيان الفرد الاضطراري محرزا ويكون العذر غير المستوعب ، موضوعا للتكليف لان الكلام في ان الاتيان بالمأمور به الاضطراري مجزاولا وهو فرع وجود الامر ( وبالجملة ) البحث فيما إذا كان الاضطرار في بعض الوقت موضوعا للتكليف بالاتيان ، واما إذا دلت الادلة على ان استيعاب الاضطرار موضوع للاتيان فهو خارج عن محط البحث ، لانه مع عدم الاستيعاب لا امر هنا ولا مصداق للمأمور به حتى نبحث عن اجزائه كما ان من مقتضى البحث ايضا هو طرو الاختيار في الوقت مع اتيان المأمور به فلو استوعب العذر ولم يظهر الاختيار فهو خارج عن موضوع الاعادة ( ثم ) انه علی المختار من وحدة الامر والمطلوب وان الاختلاف في الكيفيات الطارئة من خصوصيات المصاديق لا من مكثرات الطبيعة ، يكون اجزاء الماتى به الاضطراري في غاية الوضوح ، إذ العبد يكون مخيرا عقلا أو شرعا بين الاتيان بمصداقه الاضطراري في الحال وبدارا ، وبين انتظار آخر الوقت والاتيان بالفرد الاختياري وقد عرفت ان امتثال كل امر ، مسقط لامره ، والمفروض ان المأمور به في حال الاضطرار مصداق
ج1 صفحة 143 :
للطبيعة المأمور بها ومشتمل لجميع الخصوصيات المعتبرة فيها فلا معنى للبقاء بعد الاتيان ( ليس قرى وراء عبادان ) واما القضاء مع استيعاب العذر ، فمثل الاعادة في عدم الوجوب ، لان وجوب القضاء فرع الفوت ، ومع الاتيان بالطبيعة المأمور بها لا يبقى له موضوع ( هذا كله ) ) على الحق المختار ، واما على القول بتعدد الامر في باب الاضطرار كما يستفاد من ظاهر الكلمات ، ففيه التفصيل فان قام الاجماع على عدم وجوب الزائد من صلوة واحدة في الوقت المضروب لها ، فالقول بالاجزاء هو المتعين ، لان دلالة الدليل على وحدة التكليف حال تعدد الامر يستفاده منه التخيير بين اتيانها في حال العجز مع الطهارة الترابية ، وبين الصبر إلى زوال العذر واتيانها مع المائية ، فلا محالة يكون الاتيان باحد طرفي التخيير موجبا للاجزاء و سقوط التكليف ، و ( لو فرضنا ) عدم قيام الاجماع المذكور لكنا استفدنا من الادلة ان تعدد الامر ليس لاجل تعدد المطلوب لبا ، بان تكون الصلوتان مطلوبتين مستقلتين ، بل لاجل امتناع جعل الشرطية والجزئية استقلالا ، وانه لابد في انتزاع شرطية الطهارة الترابية في حال العجز من شمول الامر ووقوعها تحت الامر حتى تعلم شرطيتها فيكون تعدد الامر من ضيق الخناق كتعدده في القربيان من الاوامر على القول بعدم امكان اخذ ما يأتي من قبل الامر ففى موضوعه ( فح ) الامر الثاني ليس لافادة مطلوب مستقل بل لافادة خصوصيات الاول ، وبيان ماله دخل في الغرض ( وعلى هذا المبنى ) يكون مقتضى القاعدة هو الاجزاء ايضا ، لان تعدده ليس ناشئا من تعدد المطلوب والمصلحة حتى لا يكون استيفاء الواحد منهما ، مغنيا عن الاخر نعم لو فرضنا ان تعدد الامر لاجل تعدد المطلوب ، وان الامر المتعلق بالبدل من قبيل الترخيص لا الالزام ( فلا مناص ) عن القول بعدم الاجزاء ، لان اجزاء احدا الامرين عن الاخر مع تعدد المطلوب نظير اجزاء الصلوة عن الصوم ، ( وان شئت قلت ) ان مقتضى اطلاق دليل المبدل كونه مطلوبا على الاطلاق ، امتثل امر البدل اولا ، واما الاطلاق الموجود في دليل البدل فلا يضاد اطلاق المبدل ولا يدل على سقوط القضاء والاعادة ، لان غاية مفاد اطلاقه هو جواز الاتيان به في أي زمان شاء وقت طرو العجز ، و ( اما ) اجزائه عن المأمور به بامر آخر وقت زوال العذر فلا يدل عليه ، والاطلاق الموجود في دليل البدل لا يقتضى الا جواز
ج1 صفحة 144 :
البدار في اتيانه وسقوط امره لدى امتثاله ، لا سقوط امر آخر ( فتلخص ) ان مقتضى الامر المتعلق بالصلوة مع الطهارة المائية هو كونه مطلوبا على الاطلاق ومقتضيا لاستيفاء مصلحته ولابد ( ح ) لاثبات اجزائه عن امر آخر من دليل مستقل وراء الاطلاق ، ولكنه خارج من الفرض وبذلك يظهر ان ما افاده المحقق الخراساني من التفصيل بانه اما يكون الماتى به وافيا بتمام المصلحة اولا ، وعلى الثاني اما ان يكون الفائت قابلا للتدراك اولا الخ ، ( لا طائل تحته ) إذ العلم بالاستيفاء وعدمه لا يستفاد من الاطلاق بل من دليل خارج ووجوده يوجب الخروج من محط البحث ثم ان هذا كله لو احرزنا مفادالادلة ، وان الموضوع لجواز الاتيان اعم من العذر المستوعب ، و ( قد مر ان البحث في باب الاجزاء بعد ذلك الاحراز ) وقد عرفت مقتضى الحال على المختار من وحدة الامر وعلى مختار المشهور من تعدده ، واما مع اهمال الادلة في المبدل منه والبدل ، ووقع الشك في جواز البدار مع العذر غير المستوعب ، فعلى ما اخترناه من وحدة الامر وان المأمور به طبيعة واحدة في الحالتين ، والاختلاف في الشرط من خصوصيات المصاديق لا من مكثرات الطبيعة ، ( لا محيص ) عن الاشتغال ، إذ الشك في سقوط التكليف المتيقن ، بالفرد الاضطراري ، وبعبارة اخرى ، ان الامر دائر بين التعيين والتخيير حيث انه لو جاز البدار لثبت التخيير بين المصداقين في مقام الامتثال ، ولو لم يجز لكان المتعين هو الفرد الاختياري ومعه لا يمكن العدول إلى المشكوك واما بناء على مذهب الفوم ممن تعدد الامر على النحو الاخير كما هو مفروض كلامهم فمقتضى القواعد ( ح ) هو البرائة واختاره المحقق الخراساني رحمه الله ، ومرجع هذا إلى ان الامر المتعلق بالمطلوب الاضطراري هل هو مطلق كون المكلف مصداقا لعنوان الفاقد أو بشرط كون عذره مستوعبا و ( وجه البرائة ) هو ان المكلف حال الفقدان قاطع بعدم الامر باتيان الصلوة مع الطهارة المائية وهو يحتمل لدى الاضطرار ان يكون مأمورا بالامر الاضطراري فيأتي به رجاء امتثاله على فرض وجوده ، ويمكن ان يكون الماتى رجاءا هو الوظيفة الفعلية ، فإذا اتاه رجاءا يشك في تعلق التكليف عليه بالصلوة المائية إذا اصاب الماء ، فيرجع الشك إلى حدوث التكليف لا في سقوطه بعد العلم به ، وما قلنا من كونه
ج1صفحة 145 :
مخيرا بين اتيانه للفرد الاضطراري حال الاضطرار ، وبين الصبر إلى زوال العذر ليس بمعنى تعلق تكليف المختار به من اول الامر وان كان تعلقه بنحو التعليق في حال الاضطرار ، حتى يصير التخيير شرعيا ويخرج المقام من كون الشك في الحدوث فان قلت ان المقام من قبيل دوران الامر بين التعيين والتخيير لانه اما يجب له الانتظار تعيينا والامتثال بالمائية آخر ، الوقت أو يجوز له البدار إلى الفرد الاضطراري كما يجوز له الانتظار والاتيان بالفرد الاختياري و ( لكن ) مطلوبية الاول قطعية ونعلم انه مسقط للتكليف قطعا ، بخلاف الثاني ( فح ) يجب له الانتظار حتى يأتي بما يعلم كونه مأمورا به ومستقطا للامر قلت ان الفرق بين المقام ومقام دوران الامر بين التعيين والتخيير واضح جدا إذ هو انما يتصور فيما إذا علم المكلف بتوجه تكليف واحد إليه حال الامتثال وشك عند الاتيان في ان المطلوب هل هو هذا الفرد متعينا أو هو مع عدله ، ولا ريب انه لا يجوز في شريعة العقل ، العدول إلى ما هو مشكوك ، ( وهذا ) بخلاف المقام فان المكلف الفاقد حين فقدانه يعلم انه ليس مكلفا بتكليف الواجد ويحتمل كونه مرخصا في اتيان الصلوة مع الطهارة الترابية كما يحتمل كونه غير مكلف بالصلوة حال الفقدان اصلا بل يتعلق به التكليف بالصلوة بالطهارة الترابية حال وجدانه فيما بعد ( والحاصل ) انه قاطع بعدم التلكيف بالعنوان الاختياري حالة الاضطرار ويحتمل توجه التكليف عليه بالعنوان الاضطراري إذا كان الشرط هو الفقدان ولو في بعض الحالات ( فح ) إذا اتى الاضطراري رجاءا ثم ارتفع العذر فهو قاطع لارتفاع الامر الاضطراري وسقوطه على فرض وجوده بالامتثال أو لعدم وجوده من رأس ، ويشك عند تبدل الحالة في حدوث امر جديد وتكليف حديث ( فالمحكم ) هو البرائة ( اضف ) إلى ذلك ان وجوب الانتظار كما ذكر في الاشكال لا محصل له إذا الواجب هو اتيان الصلوة بمالها من الشرائط والاجزاء ، والانتظار لادخل له فيها فتدبر ثم ان التخيير بين الاتيان في الحال والاتيان في الاستقبال ليس من قبيل التخيير الشرعي بل من قبيل امر انتزاعي انتزع من احتمال الترخيص في اتيانها في الحال ، ومن احتمال الايجاب في الاستقبال حين تعلق التكليف به على فرض عدم الاتيان ، ومثل ذلك لا يرجع إلى التعيين والتخيير ، ( فتلخص انه مع اهمال الادلة من الطرفين وتعدد الامر
ج1 صفحة 146 :
في المقام يتعين القول بالبرائة إذا اتى بالفرد الاضطراري ( اللهم ) الا ان يصار إلى القول بتنجيز العلم الاجمالي حتى في التدريجيات فيصير الاشتغال هو المحكم في الباب ويكون المقام من قبيل دوران الامر بين التعيين والتخيير ( هذا حال ) الاعادة مع الاهمال المفروض و ( اما القضاء ) مع ذاك الفرض فالاصل الجارى في المقام هو البرائة ، ما لم يرد هنا دليل على اللزوم لان موضوع الوجوب فيه هو الفوت ، وهو غير محقق الصدق بعد اتيان المشكوك و ( توهم ) اثباته باستصحاب عدم اتيان الفريضة مبنى على حجية الاصول المثبتة لان الفوت غير عدم الاتيان مفهوما ، وان كانا متلازمين في الخارج إذ الموضوع هو الفوت واثباته باستصحاب عدم الاتيان كاثبات احد المتلازمين باستصحاب الاخر الموضع الثالث في اجزاء الامر الظاهرى وفيه مقامان ( الاول ) في مقتضى الامارات والطرق و ( الثاني ) في الاصول العملية ، محرزة كانت أو غيرها ، وليعلم ان محل النزاع في كلا المقامين ما إذا كان المأمور به مركبا ذا شروط وموانع ، وقام دليل اجتهادى أو اصل عملي على تحقق الجزء والشرط أو عدم تحقق المانع ثم انكشف خلافه ، أو قام واحد منهما على نفى جزئية شئ أو شرطيته أو ما نعيته ثم بان ان الامر بخلافه ، فيقال ان الاتيان بمصداق الصلوة مثلا مع ترك ما يعتبر فيها استنادا إلى امارة أو اصل هل يوجب الاجزاء اولا ، و ( اما ) ما يجرى في اثبات اصل التكليف ونفيه كما إذا دل دليل على وجوب صلوة الجمعة ثم انكشف خلافه فهو خارج عما نحن فيه ولا معنى للاجزاء فيه اما المقام الاول فالتحقيق عدم الاجزاء فيه بناء على الطريقية كما هو الحق وفاقا لجملة من المحققين ( سواء قلنا ) بان الطرق التى بايدنا كلها طرق وامارات عقلائية وليس للشرع امارة تأسيسية بل لم يرد من الشارع امر باتباعها ، وانما استكشفنا من سكوته وهو بمرآه رضائه ، ومن عدم ردعه امضائه ( ام قلنا ) بورود امر منه بالاتباع لكنه بنحو الارشاد إلى ما هو المجبول والمرتكز في فطرة الغقلاء ، ( ام قلنا ) بان الطرق المتعارفة في الفقه مما اسسها الشارع كلها أو بعضها وصولا إلى الواقع ، ولم يكن عند العقلاء منها عين ولا اثر
ج1 صفحة 147 :
وتوضيح ذلك اما على الوجهين الاولين فلان المتبع فيهما حكم العقلاء و كيفية بنائهم ، ولا شك ان عملهم لاجل كشفها نوعا عن الواقع مع حفظ نفس الامر على ما هو عليه من غير تصرف فيه ولا انقلابه عما هو عليه ، ومع هذا كيف يمكن الحكم بالاجزاء مع انكشاف الخلاف و ( بالجملة ) لا شك ان عملهم بها لاجل كونه مرآة إلى الواقع بلا تصرف فيه اصلا ( فح ) المطلوب الذى تعلق به الامر لم يحصل بعد لتخلف الامارة ، وما حصل لم يتعلق به الامر ، و ( اما ) على الوجه الاخير على فرض صحته فلا شك في ان لسان ادلة حجيتها هو التحفظ على الواقع لا التصرف فيه وقلبه إلى طبق المودى ( اضف إلى ذلك ) ان معنى كون شئ امارة ليس الا كونه كاشفا عن الواقع عند المعتبر فلو تصرف مع ذلك فيه ، وقلب الواقع على طبق مؤاده لدى التخلف ، لخرجت الامارة عن الا مارية ، فلو فرضنا ان للشارع ايجابا وتأسيسا فليس الا لاجل الكشف عن الواقع المحفوظ في وعائه ومعه لا معنى للاجزاء ومن ذلك يظهر ضعف ما ربما يقال : ان لسان دليل الحجية في الامارات والاصول سواء ، وهو وجوب ترتيب الاثر عملا على قول العادل ، فمقتضى قوله صدق العادل هو التصديق العملي واتيان المأمور به على طبق قوله كما سيأتي في الاصول ، وهو يقتضى الاجزاء في كلا المقامين ( انتهى ) قلت ان القائل جمع بين امرين متناقضين ، فان القول بالاجزاء في العمل بالامارات والاعتقاد بان ايجاد العمل على طبقها لاجل الكشف عن الواقع ( لا يخلو ) من مناقضة ، والعرف والعقلاء شاهدان عليها ( فظهر ) ان كل ما كان الملاك في التعبد به هو الكشف لا يعقل فيه الاجزاء ما لم نصر إلى التصرف فيه وانقلاب الواقع عما هو عليه ، وهو لا يناسب ملاك الاعتبار في الامارات ، و ( ما ذكر ) من وحدة اللسان غير تام إذ ايجاب العمل على طبق قول العادل أو الاخذ بقول الثقة لاجل كونه ثقة وعدلا ، يكشف عن ان الملاك كشفها عن الواقع كما هو الملاك عند العرف والعقلاء ، واين هذا من انقلاب الواقع عما هو عليه وما افاده بعض الاكابر من الاساطين دام ظله الوارف ، من الاجزاء في الامارات عند التخلف ، مع الاعتقاد بان حجية الامارات من باب الطريقية وان الشارع لم يتصرف فيها سوى الامضاء أو عدم الردع ( لا يخلو ) من نظر واشكال
ج 1صفحة 148 :
اما المقام الثاني اعني الامتثال على طبق مؤدى الاصول ، فالتحقيق هو الاجزاء فيها ، ولابد في توضيحه من ملاحظة لسان كل واحد مستقلا فان الحكم يختلف باختلاف اللسان فنقول : اما اصالة الطهارة والحلية ، فلادلتهما حكومة على ادلة الشرائط ، التى من تلك الادلة قوله ( ع ) لا صلوة الا بطهور ، ان استفدنا منه أو من غيره ( طهارة الثوب فقوله ( ع ) كلشى نظيف حتى تعلم انه قذر ، محقق للطهور في ظرف الشك توضيحه ان ظاهر لسانه محكومية المشكوك بالطهارة والنظافة حتى يعلم قذارته ومعنى محكوميته بها هو جواز ترتيب آثار الطهارة عليه التى من جملتها اتيان الصلوة معها تعبد أو ليس معناه ان الشك في الطهارة والنجاسة طريق إلى الطهارة لعدم تعقل طريقية الشك ( وان شئت قلت ) ) ان المراد من قوله ( ع ) نظيف اما الطهارة الواقعية بجعل مصداق لها أو الطهارة الظاهرية بمعنى معاملة الطهارة الواقعية معها وترتيب آثارها عليها ، لكن لا سبيل إلى الاول لمكان كونها مجعولة في ظرف الشك لبا ، وقد جعلت مغياة بحصول العلم بالنجاسة ، وهما من لوازم الظاهرية دون الواقعية ، ( فح ) يتعين الثاني ، ويكون مفاده جواز ترتيب آثار الطهارة على المشكوك فيه لكن بلسان تحققها وان الشاك واجد لها فيفهم منه عرفا ان الصلوة المشروطة بالطهارة يجوز اتيانها بها في حال الشك بهذه الكيفية ويكون الماتى به مع هذه الكيفية مصداقا للصلوة المأمور بها وواجدا لما هو شرطها و ( بالجملة ) قول الشارع بكون مشكوك الطهارة والنجاسة طاهرا ، يوجب توسعة في ناحية الشروط المستفاد من قوله ( صل في الطاهر ) مثلا ، بحيث ينتقل العرف بعد الحكم بطهارة المشكوك إلى ان المفروض مصداق لما فرض شرطا وان الشرط في الصلوة اعم مما هو محرز بالوجدان أو باصل تعبدي الذى حكم الشارع بقوة تشريعه بكونه مصداقا للطاهر الذى جعله شرطا للصلوة في قوله صل في الطاهر مثلا و ( عليه ) فالصلوة في المشكوك المحكوم بالطهارة ، واجدة لما هو الشرط واقعا وحقيقة لا ظاهرا فقط ، لان الظاهر بعد هذه الحكومة ان الشرط بحسب الواقع اعم ، ولا يقبل ما فرض فيه الشرط اعم ، الخطاء والتخلف لانه لم تلحظ فيه الطريقية وبذلك يظهر لك ضعف ما ربما يقال من ان هذا انما يصح إذا لم ينكشف الخلاف والمفروض انكشافه و ( ذلك ) لان الاصل ليس طريقا إلى الواقع حتى يوافقه تارة ، ويخالفه
ج1 صفحة 149 :
اخرى ، فلا يتصور لانكشاف الخلاف ههنا معنى ، و ( بعبارة اوضح ) انه بعد التصرف في مدلول الشرط في ظرف الشك بجعله اعم من الطهارة الواقعية لا يتصور لانكشاف الخلاف معنى معقول ، لانه ان كان المراد من انكشافه هو انه بعد حصول العلم بالنجاسة يستكشف ان ما حكمناه معتضدا بفهم العرف من كون الشرط في الصلوة اعم من الطهارة الواقعية ، لم يكن هذا الحكم صحيحا ، فهو ساقط جدا لا يستاهل للجواب ، وان كان المراد منه ان ادلة النجاسة تقتضي نجاسة المحكوم فيما بعد وفيما قبل ، فهو حق لكن لا يضرنا ، إذ قاعدة الطهارة ليست حاكمة على ادلة النجاسات بضرورة الفقه بل على ادلة الشرائط والاجزاء ، فاغتنم فانى به زعيم والله به عليم وبذلك يظهر الكلام في اصالة الحل فان قوله ( ع ) كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ، حاكم على مادل على عدم جواز الصلوة في محرم الاكل ، ومعنى الحكومة على ادلة الشروط هنا ، هو ان العرف بعد ما فهم ان المشكوك محكوم بالحلية تكليفا ووضعا ، ينتقل لا محالة إلى ان الوظيفة في هذا الحال اتيان الصلوة بهذه الكيفية ، وان الشرط بعد هذا الحكم اعم من الحلية الواقعية والظاهرية فيكون الماتى به كذلك مصداقا للمامؤر به حقيقة بعناية التعبد ، ومعه لا يعقل بقاء الامر المتعلق بطبيعة الصلوة ، و ( حديث كشف الخلاف ) قد عرفت جوابه ثم ان بعض الاعاظم رحمه الله اورد على الحكومة اشكالات ( منها ) ان ذلك انما يتم مادام المكلف شاكا وبعد ارتفاع شكه لا معنى لاجزائه لارتفاع ما كان عذرا له ، و ( فيه ) ان الحكم بطهارة المحكوم ليس عذريا حتى يرتفع بارتفاع عذره ، بل على فرض حكومته لادلة الشروطه حكم حقيقي صادر لاجل توسيع الامر على المكلفين وافهام ان المطلوب منها هو الاعم لا الطهارة الواقعية فقط و ( منها ) ان وجود الحكم الظاهرى لابد وان يكون مفروغا عنه حين الحكم بعموم الشرط للواقعي والظاهري ، ومن الواضح ان المتكفل لاثبات الحكم الظاهرى ليس الا نفس دليل القاعدة فكيف يمكن ان يكون هو المتكفل لاعمية الشرط و ( فيه ) ان الحكومة لم يرد فيها نص حتى نتحرى في مغزاها ، بل هي من خصوصيات لسان الدليل يفهمها اهل المحاورة ، فلو قال الشارع المشكوك طاهر يرى العرف المتوجه إلى احكام الشريعة ونسكها وشروطها ، حكومة هذا الدليل وتقدمه على ادلة الشروط
ج1 صفحة 150 :
التى منها قوله مثلا صل في الطاهر ، ولا يلزم فيها التصريح بان الشرط اعم من الواقعي والظاهري كما لا يخفى و منها ان الحكومة وان كانت مسلمة الا انها لا تستلزم تعميم الشرط لكونها على قسمين ( قسم ) لا يكون الشك في المحكوم ماخوذا في لسان الحاكم كما في قوله لا شك لكثير الشك بالنسبة إلى ادلة الشكوك ، ويكون معمما ومخصصا ويسمى حكومة واقعية و ( قسم ) يكون الشك في المحكوم ماخوذا فيه فلا محالة يكون متأخرا عنه لاخذ الشك في موضوعه فيستحيل كونه معمما أو مخصصا بل يكون حكومة ظاهرية يترتيب عليه الاثر مادام شاكا ، و ( فيه ) مضافا إلى ان الحكم يكون ظاهريا أو واقعيا لا الحكومة ، والى ان ادعاء الاستحالة في العلوم الاعتبارية ( مثل علم الاصول ونحوه ) التى الا يخرج من محيط الاعتبار ( لا يخلو من غرابة ) عند اهله - ، يرد عليه ان ما ذكره على فرض صحته انما يتم لو كان حاكما على ادلة نجاسة الاشياء وطهارتها إذا قلنا بقبولهما الجعل فيكون الشك متاخرا عن ادلتهما ، وليس كذلك وانما هو حاكم على دليل الشرط اعني قوله ( صل في الطاهر ) مثلا وهما في رتبة واحدة ( والحاصل ) ان القائل بالاجزاء لا يدعى ان اصالة الطهارة مثلا حاكمة على ادلة النجاسات وانها في زمان الشك طاهرة ، بل يقول انها محفوظة في واقعيتها وان ملاقيها نجس حتى في زمان الشك ، لكن بدعى حكومتها على الدليل الذى دل على طهارة ثوب المصلى وانه لابد ان يكون طاهرا ، وخلاصة حكومتها ان ما هو نجس واقعا يجوز ترتيب آثار الطهارة عليه في ظرف الشك ، ومن تلك الاثار اتيان الصلوة المشروطة بها لكن بلسان تحقق الطهارة ، ولازمه تحقق مصداق المأمور به لاجل حكومتها على ادلة الشرائط والموانع فراجع وجدانك ترى الحق ظاهرا ومن ذلك يظهر ضعف ما افاده في رابع الوجوه من ان الحكومة لو كانت واقعية فلابد من ترتيب جميع آثار الواقع لا خصوص الشرطية وان لا يحكم بنجاسة الملاقى لما هو محكوم بالطهارة ظاهر أو لو انكشف نجاسته بعد ذلك ( انتهى ) ان الخلط بين المقامين اوقع المستشكل فيما اوقعه ، وقد عرفت ان الحكومة بين القاعدة ودليل شرطية طهارة لباس المصلى وبدنه لا بينها وبين ادلة النجاسات ، إذا الحكومة عليها باطلة بضرورة الفقه لا ينبغى للفقيه ان يتفوه بها أو يحتملها
ج1صفحة 151 :
ولكن اين هذ من الحكومة على ادلة الشروط و ( ح ) يصير نتيجتها توسيع الامر من الشارع في كيفية اداء العبادة ، ولا يابى تلك الحكومة شئ لا ضرورة الفقه ولا فهم العرف وانت إذا كنت ذا تفحص في الفقه ومأثر الفقها تجد ان الاكابر من القدماء كلهم قائلون بالاجزاء في الاحكام الظاهرية ، امارة كان أو اصلا تعبديا واما البرائة الشرعية فلما كان الظاهر من قوله صلى الله عليه وآله رفع عن امتى تسعة الخ هو رفع الحكم في الشبهات الحكمية حقيقة ، واختصاصه بالعالمين ، ولما كان ذلك مستلزما للتصويب الباطل ، ( حمل ) لا محالة على رفعه ظاهرا بعد ثبوته واقعا ، و ( وجه الرفع ) هو الامتنان للامة وتوسيع الامر عليهم ( فح ) إذا شك في جزئية شئ أو شرطيته أو مانعيته ، أو شك في كون شئ مانعا من جهة الشبهة الموضوعية فمقتضى حديث الرفع هو مرفوعية المشكوك ظاهرا ، وجواز ترتيب آثار الرفع عليه كذلك ، ومن الاثار اتيان العبادة على مقتضى الرفع في مقام الفراغ عن عهدتها فيكون رخصة في ترك المشكوك واتيانها مع الاجزاء الباقية وان شئت قلت ان الامر قد تعلق بعنوان الصلوة الصادق على فاقد الجزء و واجده ، وحديث الرفع ناظر إلى العنوان الذى قيد لبا ، ولكن نظره ليس نظر وضع بل نظر رفع بمعنى ان العنوان الذى تعلق به الامر يجوز اتيانها بلا هذا الشرط أو هذا الجزء أو غير ذلك ، ويكون العبد ذا حجة في امتثاله وتركه ولا معنى ( ح ) للاعادة والقضاء ، لان عنوان الصلوة منطبق عليه ، وترك القيد نشاء من اذنه واشارته إلى كيفية امتثال امرها في ظرف الشك ، ( فإذا ) ورد قوله سبحانه ( اقم الصلوة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ) ، وفرضنا ان السنة دلت على اعتبار اجزاء وشرائط ، ثم حكم الشارع امتنانا برفع ما لا يعلمون من الاجزاء والشرائط ، ( يفهم ) العرف ان كيفية اطاعة الامر في حال الشك في وجوب السورة مثلا ، هو اتيانها بلا سورة ، وفى حال الشك في مانعية شئ ، جواز اتيانها معه ، فإذا امتثله كذلك فقد امتثل قوله سبحانه ( اقم الصلوة ) بحكومة ادلة الرفع على ادلة الجزء والشرط والمانع واما الاستصحاب فمفاده متحد مع ما مر من قاعدتي الحل والطهارة من
ج1 صفحة 152 :
حكومته على ادلة الشرائط والموانع قائلا بان الشاك بعد اليقين يبنى عليه . فهو متطهر في هذا الحال ، وليس له ان يرفع اليد عن يقينه ابدا ، و ( بعبارة اخرى ) ان الظاهر من دليله هو البناء العملي على بقاء المتيقن في زمان الشك أو البناء العملي على وجوب ترتيب آثاره وان كانت الاثار ثابتة بالادلة الاجتهادية ، و ( الاستصحاب ) محرز موضوعها تعبدا ، لان استصحاب عدالة زيد لا يثبت عد ابقاء عدالته ، واما جواز الطلاق عنده ، واقامة الصلوة خلفه ، فلا يثبت بدليل الاستصحاب بل بالكبريات الكلية الاولية التى هي المجعولات الاولية فيكون دليله حاكما على الادلة فيفيد الاجزاء كما مر واما قاعدة التجاوز والفراغ ففد اشبعنا فيها الكلام وحققناها بمالا مزيد عليه في مباحث الوضوء وخاتمة الاستصحاب و ( اثبتنا ) ان مفاد الاخبار هو جعل قاعدة واحدة هي قاعدة التجاوز لا قاعدتين ، وان ما قيل أو يمكن ان يقال في اثبات كونهما قاعدتين غير مقبول اصلا ( واما البحث عن اجزائه ) فان ثبت كونه طريقا عقلائيا إلى وجود الشئ الذى شك في اتيانه في محله ، أو ثبت كونه اصلا عقلائيا بالبناء على تحقق الشئ عند مضى محله ( فلابد ) من تنزيل ادلتها على ما هو المرتكز عندهم ، لصلاحيتها للقرينية على المراد من الاخبار ، والذى ( يسهل الخطب ) هو عدم وجود تلك المزعمة عند العقلاء ، لا بنحو الطريقية كما هو واضح ، ولا بنحو التعبدية ايضا ، و يتضح ذلك إذا راجعت سيرتهم في مهام الامور ، وفي تركيب المعاجن وتأسيس الابنية ، فلا اقل من عدم احراز بنائهم على عدم الاعتبار ، ( فاذن ) لابد في فهم المراد من التفحص في لسان الروايات ، فنقول ربما يتوهم ظهور بعضها في الا مارية كما في قوله ( ع ) هو حين يتوضاء اذكر منه حين يشك قائلا بانه من باب اقامة العلة مقام المعلول ، والمراد ان الذاكر مما له جهة الذكر ياتيه في محله البتة قلت وفيه مضافا إلى ان مدعى الطريقية لابد وان يدعى ان الظن النوعى بالاتيان لاجل الغلبة ، جعل طريقا إلى الواقع ، والحال ، ان الرواية لا يتعرض لحاله وكون الذاكر طريقا لا معنى له ، ومضافا إلى انه يحتمل ان يكون واردا لاجل نكتة التشريع كما هو غير بعيد - يرد عليه انه لو سلمنا انه من باب اقامة العلة مقام المعلول ، و ( لكن ) المعلول كما يحتمل ان يكون ما ذكره من انه اتى به في محله لا ذكريته كذا يحتمل ان يكون المعلول انه يبنى
ج1 صفحة 153 :
على وجوده أو فليمض اوشكه ليس بشئ أو غير ذلك مما يناسب كونه اصلا محرزا أو اصلا مطلقا ، وان كان كونه اصلا محرزا حيثيا ، غير بعيد ، لانه مقتضى قوله ( ع ) ( بلى قد ركعت ) وغير ذلك من الشواهد التى تؤيد كونه اصلا محرزا حيثيا ، ( فح ) ان البناء التعبدى على وجود المشكوك فيه كما يستفاد من صحيحة حماد وموثقة عبدالرحمن ، أو الامر بالمضي وعدم الاعتناء بالشك ، - كل ذلك - يساوق معنى جواز اتيان المأمور به بهذه الكيفية أو لزوم اتيانه كذلك ، فيصير الماتى به مصداقا للمأمور به ، ويصدق عليه عنوان الصلوة ولازمة سقوطه امره ولا نعنى من اجزاء الا هذا فتلخص ان مقتضى التحقيق عدم الاجزاء في الامارات والاجزاء في الاصول و ( اما ) حال تبديل رأى المجتهد بالنسبة إلى اعماله واعمال مقلديه فقد اسهبنا فيه الكلام في بحث الاجتهاد والتقليد ( فارتقب حتى حين )
http://muhammadrezaei.ir
تبادل انديشها