مبحث اقتضاء نهي و فساد در کفایة الاصول
[ 181 ]
الثالث: ظاهر لفظ النهي وإن كان هو النهي التحريمي، إلا أن ملاك البحث يعم التنزيهي، ومعه لا وجه لتخصيص العنوان (1)، واختصاص عموم ملاكه بالعبادات لا يوجب التخصيص به، كما لا يخفى. كما لا وجه لتخصيصه بالنفسي، فيعم الغيري إذا كان أصليا، وأما إذا كان تبعيا، فهو وإن كان خارجا عن محل البحث، لما عرفت أنه في دلالة النهي والتبعي منه من مقولة المعنى، إلا أنه داخل فيما هو ملاكه، فإن دلالته على الفساد على القول به فيما لم يكن للارشاد إليه، إنما يكون لدلالته على الحرمة، من غير دخل لاستحقاق العقوبة على مخالفته في ذلك، كما توهمه القمي (2) (قدس سره) ويؤيد ذلك أنه جعل ثمرة النزاع في أن الامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده، فساده إذا كان عبادة، فتدبر جيدا. الرابع: ما يتعلق به النهي، إما أن يكون عبادة أو غيرها، والمراد بالعبادة - هاهنا - ما يكون بنفسه وبعنوانه عبادة له تعالى، موجبا بذاته للتقرب من حضرته لولا حرمته، كالسجود والخضوع والخشوع له وتسبيحه وتقديسه، أو ما لو تعلق الامر به كان أمره أمرا عباديا، لا يكاد يسقط إلا إذا أتى به بنحو قربى، كسائر أمثاله، نحو صوم العيدين والصلاة في أيام العادة، لا ما أمر به
(1) ذهب إليه الشيخ (قده)، مطارح الانظار / 157. (2) قوانين الاصول 1 / 102. في المقدمة السادسة. هو ابو القاسم ابن المولى محمد حسن الجيلاني المعروف بالميرزا القمي. تولد سنة 1151 في جابلق، فرغ من تشييد مقدمات الكمال في قم، ثم انتقل إلى خونسار فاشتغل على المحقق الامير سيد حسين ثم توجه إلى العتبات العاليات، تتلمذ عند العلامة المروج فاجاز له في الرواية والاجتهاد، له مؤلفات كثيرة منها " القوانين " و " الغنائم " و " المناهج ". توفي سنة 1231 (روضات الجنات 5 / 369 رقم 547). *
[ 182 ]
لاجل التعبد به (1)، ولا ما يتوقف صحته على النية (2)، ولا ما لا يعلم انحصار المصلحة فيها في شئ (3)، كما عرف بكل منها العبادة، ضرورة أنها بواحد منها، لا يكاد يمكن أن يتعلق بها النهي، مع ا أورد عليها بالانتقاض طردا أو عكسا، أو بغيره، كما يظهر من مراجعة المطولات (4)، وإن كان الاشكال بذلك فيها في غير محله، لاجل كون مثلها من التعريفات، ليس بحد ولا برسم، بل من قبيل شرح الاسم كما نبهنا عليه غير مرة، فلا وجه لاطالة الكلام بالنقض والابرام في تعريف العبادة، ولا في تعريف غيرها كما هو العادة. الخامس: إنه لا يدخل في عنوان النزاع إلا ما كان قابلا للاتصاف بالصحة والفساد، بأن يكون تارة تاما يترتب عليه ما يترقب عنه من الاثر، وأخرى لا كذلك، لاختلال بعض ما يعتبر في ترتبه، أما ما لا أثر له شرعا، أو كان أثره مما لا يكاد ينفك عنه، كبعض أسباب الضمان، فلا يدخل في عنوان النزاع لعدم طروء الفساد عليه كي ينازع في أن النهي عنه يقتضيه أو لا، فالمراد بالشئ في العنوان هو العبادة بالمعنى الذي تقدم، والمعاملة بالمعنى الاعم، مما يتصف بالصحة والفساد، عقدا كان أو إيقاعا أو غيرهما، فافهم. السادس: إن الصحة والفساد وصفان إضافيان يختلفان بحسب الآثار والانظار، فربما يكون شئ واحد صحيحا بحسب أثر أو نظر وفاسدا بحسب آخر، ومن هنا صح أن يقال: إن الصحة في العبادة والمعاملة لا تختلف، بل فيهما بمعنى واحد وهو التمامية، وإنما الاختلاف فيما هو المرغوب منهما من الآثار
(1) اختاره الشيخ (قده) مطارح الانظار / 158، في الامر الثالث. (2) مال إليه المحقق القمي، قوانين الاصول 1 / 154، في المقدمة الاولى. (3) يزين الرب تلمحقق القمي أيضا، المصدر السابق. (4) راجع مطارح الانظار 158، والفصول / 139. (*)
[ 183 ]
التي بالقياس عليها تتصف بالتمامية وعدمها، وهكذا الاختلاف بين الفقيه والمتكلم في صحة العبادة، إنما يكون لاجل الاختلاف فيما هو المهم لكل منهما من الاثر، بعد الاتفاق ظاهرا على أنها بمعنى التمامية، كما هي معناها لغة وعرفا. فلما كان غرض الفقيه، هو وجوب القضاء، أو الاعادة، أو عدم الوجوب، فسر صحة العبادة بسقوطهما، وكان غرض المتكلم هو حصول الامتثال الموجب عقلا لاستحقاق المثوبة، فسرها بما يوافق الامر تارة، وبما يوافق الشريعة اخرى. وحيث أن الامر في الشريعة يكون على أقسام: من الواقعي الاولى، والثانوي، والظاهري، والانظار تختلف في أن الاخيرين يفيدان الاجزاء أو لا يفيدان، كان الاتيان بعبادة موافقة لامر ومخالفة لاخر، أو مسقطا للقضاء والاعادة بنظر، وغير مسقط لهما بنظر آخر، فالعبادة الموافقة للامر الظاهري، تكون صحيحة عند المتكلم والفقيه، بناء على أن الامر في تفسير الصحة بموافقة الامر أعم من الظاهري، مع اقتضائه للاجزاء، وعدم اتصافها بها عند الفقيه بموافقته، بناء على عدم الاجزاء، وكونه مراعى بموافقة الامر الواقعي [ و ] (1) عند المتكلم، بناء على كون الامر في تفسيرها خصوص الواقعي. تنبيه: وهو أنه لا شبهة في أن الصحة والفساد عند المتكلم، وصفان اعتباريان ينتزعان من مطابقة المأتي به مع المأمور به وعدمها، وأما الصحة بمعنى سقوط القضاء والاعادة عند الفقيه، فهي من لوازم الاتيان بالمأمور به بالامر الواقعي الاولي عقلا، حيث لا يكاد يعقل ثبوت الاعادة أو القضاء معه جزما، فالصحة بهذا المعنى فيه، وإن كان ليس بحكم وضعي مجعول بنفسه أو بتبع تكليف، إلا أنه ليس بأمر اعتباري ينتزع كما توهم (2)، بل مما يستقل به
(1) اثبتنا الزيادة من طبعة المشكيني. (2) انظر مطارح الانظار / 160، في تذنيب الهداية الاولى من القول في اقتضاء النهي للفساد. (*)
[ 184 ]
العقل، كما يستقل باستحقاق المثوبة به وفي غيره، فالسقوط ربما يكون مجعولا، وكان الحكم به تخفيفا ومنة على العباد، مع ثبوت المقتضي لثبوتهما، كما عرفت في مسألة الاجزاء، كما ربما يحكم بثبوتهما، فيكون الصحة والفساد فيه حكمين مجعولين لا وصفين انتزاعيين. نعم، الصحة والفساد في الموارد الخاصة، لا يكاد يكونان مجعولين، بل إنما هي تتصف بهما بمجرد الانطباق على ما هو المأمور به، هذا في العبادات. وأما الصحة في المعاملات، فهي تكون مجعولة، حيث كان ترتب الاثر على معاملة إنما هو بجعل الشارع وترتيبه عليها ولو إمضاء، ضرورة أنه لولا جعله، لما كان يترتب عليه، لاصالة الفساد. نعم صحة كل معاملة شخصية وفسادها، ليس إلا لاجل انطباقها مع ما هو المجعول سببا وعدمه، كما هو الحال في التكليفية من الاحكام، ضرورة أن اتصاف المأتي به بالوجوب أو الحرمة أو غيرهما، ليس إلا لانطباقه مع ما هو الواجب أو الحرام. السابع: لا يخفى أنه لا أصل في المسألة يعول عليه، لو شك في دلالة النهي على الفساد. نعم، كان الاصل في المسألة الفرعية الفساد، لو لم يكن هناك إطلاق أو عموم يقتضي الصحة في المعاملة. وأما العبادة فكذلك، لعدم الامر بها مع النهي عنها، كما لا يخفى. الثامن: إن متعلق النهي إما أن يكون نفس العبادة، أو جزأها، أو شرطها الخارج عنها، أو وصفها الملازم لها كالجهر والاخفات (1) للقراءة، أو وصفها الغير الملازم كالغصبية لاكوان الصلاة المنفكة عنها.
(1) فإن كل واحد منهما لا يكاد ينفك عن القراءة، وإن كانت هي تنفك عن أحدهما، فالنهي عن أيهما يكون مساوقا للنهي عنها، كما لا يخفى. (منه قدس سره).
[ 185 ]
لا ريب في دخول القسم الاول في محل النزاع، وكذا القسم الثاني بلحاظ أن جزء العبادة عبادة، إلا أن بطلان الجزء لا يوجب بطلانها، إلا مع الاقتصار عليه، لا مع الاتيان بغيره مما لا نهي عنه، إلا أن يستلزم محذورا آخر. وأما القسم الثالث، فلا يكون حرمة الشرط والنهي عنه موجبا لفساد العبادة، إلا فيما كان عبادة، كي تكون حرمته موجبة لفساده المستلزم لفساد المشروط به. وبالجملة لا يكاد يكون النهي عن الشرط موجبا لفساد العبادة المشروطة به، لو لم يكن موجبا لفساده، كما إذا كانت عبادة. وأما القسم الرابع، فالنهي عن الوصف اللازم مساوق للنهي عن موصوفه، فيكون النهي عن الجهر في القراءة مثلا مساوقا للنهي عنها، لاستحالة كون القراءة التي يجهر بها مأمورا بها، مع كون الجهر بها منهيا عنه (1) فعلا، كما لا يخفى. وهذا بخلاف ما إذا كان مفارقا، كما في القسم الخامس، فإن النهي عنه لا يسري إلى الموصوف، إلا فيما إذا اتحد معه وجودا، بناء على امتناع الاجتماع، وأما بناء على الجواز فلا يسري إليه، كما عرفت في المسألة السابقة، هذا حال النهي المتعلق بالجزء أو الشرط أو الوصف. وأما النهي عن العبادة لاجل أحد هذه الامور، فحاله حال النهي عن أحدها إن كان من قبيل الوصف بحال المتعلق. وبعبارة أخرى: كان النهي عنها بالعرض، وإن كان النهي عنها على نحو الحقيقة، والوصف بحاله، وإن كان بواسطة أحدها، إلا أنه من قبيل الواسطة في الثبوت لا العروض، كان حاله حال النهي في القسم الاول، فلا تغفل.
(1) في " ب ": عنها. (*)
[ 186 ]
ومما ذكرنا في بيان أقسام النهي في العبادة، يظهر حال الاقسام في المعاملة، فلا يكون بيانها على حدة بمهم، كما أن تفصيل الاقوال في الدلالة على الفساد وعدمها، التي ربما تزيد على العشرة - على ما قيل (1) - كذلك، إنما المهم بيان ما هو الحق في المسألة، ولا بد في تحقيقه على نحو يظهر الحال في الاقوال، من بسط المقال في مقامين: الاول في العبادات: فنقول وعلى الله الاتكال: إن النهي المتعلق بالعبادة بنفسها، ولو كانت جزء عبادة بما هو عبادة - كما عرفت - مقتض (2) لفسادها، لدلالته على حرمتها ذاتا، ولا يكاد يمكن اجتماع الصحة بمعنى موافقة الامر أو الشريعة مع الحرمة، وكذا بمعنى سقوط الاعادة، فإنه مترتب على إتيانها بقصد القربة، وكانت مما يصلح لان يتقرب به (3)، ومع الحرمة لا تكاد تصلح لذلك، ويتأتى قصدها من الملتفت إلى حرمتها، كما لا يخفى. لا يقال: هذا لو كان النهي عنها دالا على الحرمة الذاتية، ولا يكاد يتصف بها العبادة، لعدم الحرمة بدون قصد القربة، وعدم القدرة عليها مع قصد القربة بها إلا تشريعا، ومعه تكون محرمة بالحرمة التشريعية لا محالة، ومعه لا تتصف بحرمة أخرى، لامتناع اجتماع المثلين كالضدين. فإنه يقال: لا ضير في اتصاف ما يقع عبادة - لو كان مأمورا به - بالحرمة الذاتية، مثلا صوم العيدين كان عبادة منهيا عنها، بمعنى أنه لو أمر به كان عبادة، لا يسقط الامر به إلا إذا أتى به بقصد القربة، كصوم سائر الايام، هذا فيما إذا لم يكن ذاتا عبادة، كالسجود لله تعالى ونحوه، وإلا كان محرما مع
(1) مطارح الانظار / 162، في الهداية الثانية من القول في اقتضاء النهي للفساد. (2) في " أ وب ": مقتضى. (3) هكذا في " أ وب ": وفي بعض النسخ المطبوعة " بها ". (*)
[ 187 ]
كونه فعلا عبادة، مثلا إذا نهي الجنب والحائض عن السجود له تبارك وتعالى، كان عبادة محرمة ذاتا حينئذ، لما فيه من المفسدة والمبغوضية في هذا الحال، مع أنه لا ضير في اتصافه بهذه الحرمة مع الحرمة التشريعية، بناء على أن الفعل فيها لا يكون في الحقيقة متصفا بالحرمة، بل إنما يكون المتصف بها ما هو من أفعال القلب، كما هو الحال في التجري والانقياد، فافهم. هذا مع أنه لو لم يكن النهي فيها دالا على الحرمة، لكان دالا على الفساد، لدلالته على الحرمة التشريعية، فإنه لا أقل من دلالته على أنها ليست بمأمور بها، وإن عمها إطلاق دليل الامر بها أو عمومه، نعم لو لم يكن النهي عنها إلا عرضا، كما إذا نهى عنها فيما كانت ضد الواجب مثلا، لا يكون مقتضيا للفساد، بناء على عدم اقتضاء الامر (1) بالشئ للنهي عن الضد الا كذلك أي عرضا، فيخصص به أو يقيد. المقام الثاني في المعاملات: ونخبة القول، أن النهي الدال على حرمتها لا يقتضي الفساد، لعدم الملازمة فيها - لغة ولا عرفا - بين حرمتها وفسادها أصلا، كانت الحرمة متعلقة بنفس المعاملة بما هو فعل بالمباشرة، أو بمضمونها بما هو فعل بالتسبب بها إليه، وإن لم يكن السبب ولا المسبب بما هو فعل من الافعال بحرام، وإنما يقتضي الفساد فيما إذا كان دالا على حرمة ما لا يكاد يحرم مع صحتها، مثل النهي عن أكل الثمن أو المثمن في بيع أو بيع شئ. نعم لا يبعد دعوى ظهور النهي عن المعاملة في الارشاد إلى فسادها، كما أن الامر بها يكون ظاهرا في الارشاد إلى صحتها من دون دلالته على إيجابها أو استحبابها، كما لا يخفى، لكنه في المعاملات بمعنى العقود والايقاعات، لا المعاملات بالمعنى الاعم المقابل للعبادات، فالمعول هو ملاحظة القرائن في
(1) في " ب " عدم الاقتضاء للامر بالشئ.. الخ (*).
[ 188 ]
خصوص المقامات، ومع عدمها لا محيص عن الاخذ بما هو قضية صيغة النهي من الحرمة، وقد عرفت أنها غير مستتبعة للفساد، لا لغة ولا عرفا. نعم ربما يتوهم استتباعها له شرعا، من جهة دلالة غير واحد من الاخبار عليه، منها ما رواه في الكافي والفقيه، عن زرارة، عن الباقر عليه السلام (1): (سأله عن مملوك تزوج بغير إذن سيده، فقال: ذلك إلى سيده، إن شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما، قلت: أصلحك الله تعالى، إن الحكم بن عتيبة (2) وإبراهيم النخعي وأصحابهما، يقولون: إن أصل النكاح فاسد، ولا يحل إجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام: إنه لم يعص الله، إنما عصى سيده، فإذا أجاز فهو له جائز) حيث دل بظاهره ان النكاح لو كان مما حرمه الله تعالى عليه كان فاسدا، ولا يخفى أن الظاهر أن يكون المراد بالمعصية المنفية هاهنا، أن النكاح ليس مما لم يمضه الله ولم يشرعه كي يقع فاسدا، ومن المعلوم استتباع المعصية بهذا المعنى للفساد كما لا يخفى، ولا بأس بإطلاق المعصية على عمل لم يمضه الله ولم يأذن به، كما أطلق عليه (3) بمجرد عدم إذن السيد فيه أنه معصية. وبالجملة: لو لم يكن ظاهرا في ذلك، لما كان ظاهرا فيما توهم، وهكذا
(1) الكافي / 478، الحديث 3، باب المملوك يتزوج بغير إذن مولاه، الفقيه 3 / 350 الحديث 4 باب طلاق العبد - التهذيب 7 / 351 الحديث 63 في العقود على الاماء. (2) في " أ وب ": حكم بن عتبة. (3) وجه ذلك أن العبودية تقتضي عدم صدور العبد إلا عن أمر سيده وإذنه، حيث أنه كل عليه لا يقدر على شئ، فإذا استقل بأمر كان عاصيا حيث أتى بما ينافيه مقام عبوديته، لا سيما مثل التزوج الذي كان خطيرا، وأما وجه أنه لم يعص الله فيه، فلاجل كون التزوج بالنسبة إليه أيضا كان مشروعا ماضيا، غايته أنه يعتبر في تحققه إذن سيده ورضاه، وليس كالنكاح في العدة غير مشروع من أصله، فإذا أجاز ما صدر عنه بدون إذنه فقد وجد شرط نفوذه وارتفع محذور عصيانه، فعصيانه لسيده. (منه قدس سره). *
[ 189 ]
حال سائر الاخبار الواردة في هذا الباب (1)، فراجع وتأمل. تذنيب: حكي عن أبي حنيفة (2) والشيباني (3) دلالة النهي على الصحة، وعن الفخر (4) أنه وافقهما في ذلك، والتحقيق (5) انه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب أو التسبيب، لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالامر، ولا يكاد يقدر عليهما إلا فيما كانت المعاملة مؤثرة صحيحة، وأما إذا كان عن السبب، فلا، لكونه مقدورا وإن لم يكن صحيحا، نعم قد عرفت أن النهي عنه لا ينافيها. وأما العبادات فما كان منها عبادة ذاتية كالسجود والركوع والخشوع والخضوع له تبارك وتعالى، فمع النهي عنه يكون مقدورا، كما إذا كان مامورا به، وما كان منها عبادة لاعتبار قصد القربة فيه لو كان مامورا به، فلا يكاد يقدر عليه إلا إذا قيل باجتماع الامر والنهي في شئ ولو بعنوان واحد، وهو محال، وقد عرفت أن النهي في هذا القسم إنما يكون نهيا عن العبادة، بمعنى أنه لو كان مأمورا به، كان الامر به أمر عبادة لا يسقط إلا بقصد القربة، فافهم.
(1) راجع وسائل الشيعة 14، الباب 23 إلى 25 من أبواب نكاح العبيد والاماء. (2 و 3) شرح تنقيح الفصول، 173. (4) أي فخر المحققين (ره) نجل العلامة الحلي (ره). (5) ملخصه أن الكبرى وهي: ان النهي - حقيقة - إذا تعلق بشئ ذي أثر كان دالا على صحته وترتب أثره عليه، لاعتبار القدرة فيما تعلق به النهي كذلك وإن كانت مسلمة، إلا أن النهي كذلك لا يكاد يتعلق بالعبادات، ضرورة امتناع تعلق النهي كذلك بما تعلق به الامر كذلك، وتعلقه بالعبادات بالمعنى الاول وإن كان ممكنا، إلا أن أثر المرغوب منها عقلا أو شرعا غير مترتب عليها مطلقا، بل على خصوص ما ليس بحرام منها وهكذا الحال في المعاملات، فإن كان الاثر في معاملة مترتبا عليها ولازما لوجودها كان النهي عنها دالا على ترتبه عليها، لما عرفت. (منه قدس سره. *
http://muhammadrezaei.ir